๑۩۞۩๑◊ سلسلة: صلوا كما رأيتموني أصلي ◊๑۩۞۩๑

نحمد الله رب العالمين ، ونصلي ونسلم على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... وبعد




ليس من السهل و لا اليسير أن يخوض الانسان في مسائل الدين خصوصا إن تعلق الأمر بفقه العبادات فما من قول إلا و يجب فيه دليل سواء من القرآن الكريم ،أو من هدي الرسول الأمين صلوات ربنا و سلامه عليه أو إجماع من الصحابة و علماء الدين.




و لقد يسر الله بفضله و مدده، و بحوله و قوته لإخوة و أخوات فريق مشروع نسيم الفجر تقديم سلسلة تضم رؤوس أقلام لمجموع الأنام، كي يجتهد و يبحث في سنة خير من وطئت قدماه الأرض حبيب ربنا صلى الله عليه و آله و سلم من أجل البدء في السير على هداه و التوفق في عبادة الله و قد حاولنا تسميتها كما سماها من أوتي جوامع الكلم :









وإنه لايختلف إثنان على وجوب محبة النبى صلى الله عليه وسلم ، وكيف لا وهو صلى الله عليه وسلم من يقول : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "1حتى أن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحب إليه من نفسه فقال له :
الآن ياعمر




فإذا كان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب على كل مسلم و مسلمة،فلا أقل من أن نتتبع ونتعلق بكل أحواله وأفعاله ، وما يذكر فى كتب السيرة والتأسى به ، وأن نتدبر قول الله تعالى الذي أمر به نبيه أن يبلغه للناس



(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لايحب الكافرين ) 2




وحتى نثبت لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم هذه المحبة ، فلابد من اتباعهما و طاعتهما طاعة كاملة ترضيهما عنا.






من أجل ذلك قمنا بتتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه ،وقد وفقنا الله جل في علاه أن تكون البداية الصلاة ،فهي آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم. فكم نحن مسرورون أن نقدم لكم سلسلة توضح بإذن الله صلاة الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام ،من التكبير الى التسليم.




فلقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها لله وحده
( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت
وأنا أول المسلمين )3




وإن شاء الله موضوع السلسلة يكون :إنطلاقة خير لنا جميعا لتتبع باقي أحواله صلى الله عليه وسلم.




ليكون الإقتداء به عليه الصلاة والسلام دليلآ على حبنا لله ،
ولتكون طاعته صلى الله عليه وسلم علامة على الإيمان،
وسبيلآ الى محبة الله وغفران الذنوب .




سنسهر إن شاء الله على تقديمها طيلة ايام هذا الشهر لحتي تنتهي السلسة بأذن الله تعالي في نفس المضمار




فانتظرونا باذن الله




وإننا لنسأل الله عز وجل، أن يوفقنا جميعا للسعي وعلو الهمة لإحياء سنن نبينا ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى يوردنا بهذا العمل المتواضع حوضه ولا نرد عنه ، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد.

[]الصلاة على النبي[/]

يقول الله تعالى:



سنعيش إن شاء الله في هذا الموضوع مع الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام،
فما المقصود بذلك؟ وكيف ذلك؟


على بركة الله



صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم عليه طلب ذلك من الله تعالى،والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة.2



لقد حدث أبو عوانة والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره وفي هذا قال الشيخ الألباني رحمة الله عليه :فقد قالوا: يا رسول الله قد علمتنا كيف نسلم عليك(أي في التشهد)،فكيف نصلي عليك قال: قولوا :"اللهم صلي على محمد...الحديث،فلم يخص تشهدا دون تشهد،ففيه دليل على مشروعية الصلاة عليه في التشهد الأول أيضا..3



ولقد قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز :ويجلس للتشهد الأول إذا كانت الصلاة رباعية كالظهر والعصر والعشاء أو ثلاثية كالمغرب فيأتي بالتشهد: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" هذا هو الثابت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.



ويستحب أن يقول بعد هذا التشهد:"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" لعموم الأحاديث الواردة في الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.



وإن تركها في التشهد الأول فلا حرج؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث أنه نهض إلى الثالثة بعد الشهادتين ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم.



وإليكم أيها الأحباب بعض






- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد .4


- اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.5

--------------------------
1_الأحزاب 56
2_أبي العالية
3_صلوا كما رأيتموني أصلي للشيخ الألباني
4_البخاري ومسلم وغيرهم
5_البخاري ومسلم والنسائي
6_البخاري وغيره
__________________

[gdwl]التشهد الأخير [/gdwl]


باذن الله عز وجل نستأنف حديثنا عن التشهد،فبعد إتمام الركعة الثالثة أو الرابعة يجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم للتشهد الأخير كما صنع في التشهد الأول،إلا أنه صلى الله عليه وسلم "يقعد فيه متوركا"1،ويجعل اليسرى تحت فخذه وساقه2ناصبا اليمنى3يفرش يمناه أحيانا4


وإليكم أيها الأحبة توضيح لجلسة التشهد الأخير:







وبعد الإتيان بالتشهد الأخير كما سلف،أمرنا حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام بالإستعاذة من أربع،حيث قال"اذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر،فليستعذ بالله من أربع،يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال،ثم يدعو لنفسه بما بدا له"5.


ونترككم باذن الله مع بعض صيغ الدعاء
المسنونة قبل السلام فهاكم هي:





_"اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر،وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال،وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات،اللهم اني أعوذ بك من المأثم والمغرم"6.


_"اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا،ولا يغفر الذنوب إلا أنت،فاغفر لي مغفرة من عندك،وارحمني،إنك أنت الغفور الرحيم"7.


_"اللهم اغفر لي ما قدمت،وما أخرت،وما أسررت،وما أعلنت،وما أسرفت،وما أنت أعلم به مني،أنت المقدم،وأنت المؤخر،لا إلاه الا أنت"8.



----------------------
1و3_البخاري
2و4و8_مسلم وأبو عوانة
5_رواه مسلم وغيره
6و7_البخاري ومسلم

التسليم


وصلنا معا أحبابنا إلى ركن التسليم، وهو الركن السادس عشر من أركان الصلاة ويعد الأخير ، فآخر الصلاة ينتهي بتحية الإسلام فهي نهاية البداية ، عندما تسلم فأنت مقبل على من تسلم عليه وأنت فعلا مقبل على الدنيا بعدما كنت في رحاب الله. فبفراغك من الصلاة لا يعني أخي أختي أنك أنهيت صلتك بالله، إنما تزودت بالطاقة لأجل العمل.



يقول الحق سبحان: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) 1
فمع التسليم يبدأ الإنسان في الإصلاح في الأرض بعدما تزود بطاقة إيمانية تجعله قادرا على مواجهة الصعاب ،فلا شيء يصعب على من يعرف حقيقة الصلاة.

الأولى : أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه يقول : " السلام عليكم ورحمة الله " حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره يقول : "السلام عليكم ورحمة الله " حتى يرى بياض خده الأيسر .2 وهو المتداول أكثر.

الثانية : أنه كان يزيد أحيانا في التسليمة الأولى : " وبركاته " 3


الثالثة :أنه " كان إذا قال عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله " اقتصر - أحيانا -على قوله عن يساره " السلام عليكم " .4


والرابعة: أنه أحيانا " كان يسلم تسليمة واحدة : " السلام عليكم " تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئا أو قليلا ".5


ونختم بقول ابن القيم الجوزي رحمه الله : (الصلاة: مجلبة للرزق. حافظة للصحة دافعة للأذى، طاردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة, مبعدة من الشيطان, مقربة من الرحمن ).



-------------------------------


1_ سورة العنكبوث لآية 45
2 _رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي
3_ رواه أبو داود وابن خزيمة بسند صحيح وصححه عبد الحق في " أحكامه" وكذا النووي والحافظ ابن حجر ورواه عبد الرزاق في مصنفه وأبو يعلى في مسنده والطبراني في الكبير والأوسط والدارقطني من طريق أخرى وعبد الرزاق .
4_ رواه النسائي وأحمد والسراج بسند صحيح
5_ رواه ابن خزيمة والبيهقي والضياء في " المختارة " وعبد الغني المقدسي في " السنن" بسند صحيح ، وأحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وابن الملقن وهومخرج في " الإرواء" تحت الحديث (327).

جاء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: "إذا نودي بالصلاة فأتوها وأنتم تمشون . وعليكم السكينة . فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا"2

لذلك أيها الأحبة علينا أن ننتبه للأمر المهم الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث ألا و هو المشي إلى المسجد و عدم السعي أو الجري كي تحصل السكينة و يتم الخشوع إذا دخلنا في الصلاة .

أما عن كيفية إتمام المسبوق لصلاته سواء كانت سرية أو جهرية فقد اختلف الفقهاء في طريقة أدائها، فبعض الفقهاء ذهب إلى أن المسبوق ما فاته من الصلاة هو أول صلاته ومن ثم فيقرأ بالفاتحة والسورة، وهناك من ذهب إلى أن المسبوق ما فاته من الصلاة هو آخر صلاته بمعنى أنه بعد فراغ الإمام يقرأ بالفاتحة فقط إن قد أدرك مع الإمام ركعتين في الصلاة الرباعية.. وسبب اختلاف الفقهاء ما صح عنه صلى الله عليه وسلم[/CENTER[CENTER]]"إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا "3

وفي الحديث " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" 4

فمن قال إن المسبوق يقضي ما فاته ومن ثم فيأتي بفاتحة وسورة أخذ بظاهر الحديث الأول، ومن ذهب إلى أن المسبوق يتم صلاته ويكون ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته أخذ بالحديث الثاني وعلى هذا فمن أخذ بأي من الرأيين فهو على صواب.

و الله أعلى وأعلم


-------------------------------
1_أخرجه البخاري
2_ أخرجه مسلم و الحديث في صحيحه
3_رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-.
4_رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.

صلاة المريض

ونمضي في درب سلسلتنا هاته لنتوقف اليوم مع صلاة المريض وما شرع فيها، والأحكام المستفادة منها ، ولن نجد أفضل مرشد في ذلك من الحبيب المصطفى الذي داهمه المرض، شأنه كشأن سائر البشر بآبائنا هو وأمهاتنا ، لكن شأنه مع الصلاة كان عاليا ولم يكن ليتركها في صحة أو سقم.

ففي أوائل صفر من السنة الحادية عشرة للهجرة مرض النبي صلى الله عليه وسلم بالحمى ،واستمر ثلاثة عشر يوماً يتنقل في بيوت أزواجه ، ولما اشتد عليه مرضه استأذن منهن أن يتمرض في بيت عائشة فأذنَّ له ، ولما تعذر عليه الخروج إلى الصلاة قال :" مروا أبا بكر فليصلّ بالناس "فقالت عائشة:يا رسول الله إن أبي رجل رقيق فقال :"مروا أبابكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف" فأم أبو بكر الناس والنبي صلى الله عليه وسلم حي.1


لكنه ما ترك الصلاة أبدا حتى وهو على فراش الموت.


ومن رحمة الله بعباده أنه لم يكلفهم بالإتيان بمواضع الصلاة كاملة حال العجز و المرض فهو القائل سبحانه : (ومَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)2


لكن في نفس الآن لم يرفع عنهم فرضها وهذا كله لعظم شأنها ، فالمريض رخص له التيمم لرفع الحدث الأكبر أو الأصغر إذا لم يستطع الوضوء أو الاغتسال لقوله تعالى
( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌمِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ منه)3



أما الصلاة فالمريض يصلي قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيمن، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيسر، فإن لم يستطع صلى مستلقياً على ظهره، فإن لم يستطع أومأ برأسه، فإن لم يستطع أشار بيده، فإن لم يتذكر لُقن، وهكذا، فإن عجز عن الإشارة بيده أومأ بطرفه، فإن عجز أجرى أفعال الصلاة على قلبه، فإن حبس لسانه وجب أن يجري القرآن والأذكار الواجبة على قلبه كما يجري الأفعال.


--------------------
1_ مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 5/ 184خلاصة الدرجة: رجاله رجال الصحيح.
2_سورة الحج الآية 78.
3_ سورة المائدة الآية 6.