هل تعلم أن الماء والنبات والجماد والحجر والشجر يسبح بحمد ربه :
﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم ..﴾
هل تعلم أن الطير يسبح بحمد ربه :﴿ ألم تر أن الله يسبح له من في
السموات والأرض والطير صافات كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه ﴾
هل تعلم أن الرعد يسبح بحمد ربه :
﴿ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته﴾ ..
إن الأرض تسجد لربها .. والنجوم تسجد لربها .. والشمس تسجد لربها ..
والقمر يسجد لربه .. والجبال تسجد لربها .. والشجر يسجد لربه ..
والدواب تسجد لربها .. قال تعالى :
﴿ ألم تر أن الله يسجد له من في السموات والأرض
والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر
والدواب وكثير من الناس..﴾
حتى الضفدع يسبح بحمد ربه حين يغفل البشر ،
فعن المغيرة بن عتيبة قال :
قال داود عليه الصلاة والسلام : يارب ، هل بات أحد من خلقك طول
الليل أذكر لك مني ؟ فأوحى الله إليه : نعم .. الضفدع ..
رواه أحمد بإسناد جيد ..
بل إن هذه دودة صغيرة تعرف ربها ، وتسبح بحمده ، وتعظ نبيا من
أنبياء الله وخيرة خلقه ، ألا وهو داود عليه السلام ..
قال الفضيل بن عياض – رحمه الله – بينما داود عليه السلام جالس
ذات يوم ، إذ مرت به دودة حمراء رافعة رأسها ، فتفكر داود في نفسه ،
ووسوس إليه الخبيث فقال : " ما احتاج الرب إلى خلق هذه ؟
فنطقت الدودة بإذن ربها ، فقالت : يا داود ، أعجبتك نفسك فتفكرت !!
فإن تسبيحة واحدة أسبحها خير من عبادتك "
رواه أبو الشيخ والسيوطي ..
إنك تعجب معي لو علمت أن الطيور تعرف أنها تتكاثر لتكون خلقا
يسبح الله عز وجل ويوحده ..
فقد مر سيدنا سليمان عليه السلام على عصفور وهو يسفد
– أي يجامع – أنثاه
ويصيح ، فقال لمن معه : أتدرون ما يقول هذا العصفور لأنثاه ؟
قالوا : لا يا نبي الله ..
قال : يقول : تابعيني على ما أريد منك ، فوالله ما أريد تلذذا ، وما أريد
إلا أن يخلق الله فيما بيننا خلقا يسبح الله عز وجل ..
أخرجه ابن أبي الدنيا بإسناد جيد ..
فما بال الإنسان بعد ذلك يستنكف ويستكبر على خالقه ؟
ما باله يتمرد على نظام الحياة أجمع ؟ وماذا عساه يساوي في هذا الكون ؟
وأين مكانه في هذا العالم الفسيح ؟
يا عجبا من مضغة لحم .. كيف تسمع آيات الله تتلى عليها ، فلا تلين
ولا تخشع ولا تنيب .. فليس بمستنكر على الله عز وجل أن
يخلق لها نارا تذيبها إذا لم تلن على كلامه وذكره ومواعظه !!
كل هذه الكائنات ، وتلك المخلوقات ،
تسبح خالقها وتقدسه ،
وأنت غافل لاه ..
وقد خلقت لأجلك ،
وسخرها طوع أمرك ،
وقد كرّمك وفضّلك ؟!
فمن الشاذ والغريب ؟
كيف تتمرد على خالقك ،
وتستنكف عن طريق الهداية ،
فتستظل
وتختبئ حين تواقع المعصية وراء حائط يسبح ويسجد لربه !!
أخي .. إما أنك تستشعر حرارة المعصية أو أنك لا تشعر بها !!
فإن كنت لا تشعر فويحك أسرع لأنه الران ، وهل تدري ما الران ؟
طبقة تغطي القلب لكثرة المعاصي فلا يشعر بعدها بحرارة الذنب ..
إنها المعصية ..
تظلم الوجه ، وتضيق الصدر ،
وتسود القلب وتميته ،
وتحرم نور العلم
وتحرم الرزق ..
فماذا تنتظر ؟!!
أعرف أن الشاب الغافل ليست هذه أول كلمة يسمعها ،
وأنه قد مرت به
مواقف عدة دعته للتفكير في التوبة والرجوع إلى الله ،
لكن السؤال الآن هو :
لماذا الإصرار على الخطيئة ؟!!
ولماذا التردد في سلوك سبيل الصالحين ؟!!
انظر إلى من حولك ،
إلى من هو في سنك وعمرك ،
ممن هداهم الله
فأقبلوا على طريق الصلاح والتقوى ،
وانظر إلى من كان له تاريخ في
الغفلة والصبوة فنهض وعاد إلى مولاه ،
إنهم بشر مثلك ، ولهم شهوات
وتنازعهم غرائز ،
وتعرض لهم الفتن وتشرع أبوابها أمام ناظريهم
فما بالهم ينتصرون على أنفسهم ؟
وما الذي يجعلهم يستطيعون وأنت لاتستطيع ؟
أخي الحبيب ..
تيقن حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك
إلى غيرك فهو في الطريق إليك
وما هي إلا أعوام أو أيام بل ربما لحظات ..
فتصبح وحيدا فريدا ..
في قبرك ..
إن هناك أناسا اعتقدوا أنهم قد خلقوا عبثا وتركوا سُدى بلا وظيفة ..
فكانت حياتهم لهوا ولعبا ..
تعلوا أبصارهم الغشاوة ،
وفي آذانهم وقر فلا يسمعون الهدى يناديهم ..
أعينهم متحجرة وقلوبهم معميّة فلا يرون الطريق إلى الله تعالى ..
في مجالسهم تجد كل شيء ..
إلا ذكر الله تعالى !!
هربوا من الله وهم عبيده وبين يديه وفي قبضته ..
دعاهم فلم يستجيبوا له ..
واستجابوا لنداء الشيطان ولرغباتهم وأهوائهم ..
فيا عجبا من هؤلاء ..
كيف يلبون دعوة الشيطان ويتركون دعوة الرحمن ؟!
حقا ..
فإنها لا تعمى الأبصار
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور !!!