[right]
السلام عليكم ورحمته وبركاته :
روى عمر بعد ما لحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى قال : يا أيها الناس كفوا ألسنتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يمت ، والله والله لا أسمع أحدا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات إلا علوته بسيفي هذا . وأما علي فإنه أقعد فلم يبرح في البيت ، وأما عثمان فجعل لا يكلم أحدا ، يؤخذ بيده فيجاء به ولم يكن أحد من المسلمين في مثل حال أبي بكر والعباس فإن الله عز وجل أيّدهما التّوفيق والسّداد ، وإن كان الناس لم يرعوا إلا بقول أبي بكر ، حتى جاء العباس فقال : والله الذي لا إله إلا هو لقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت ، ولقد قال وهو بين أظهرهم ( إنك ميت وإنهم ميتون . ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) وبلغ أبا بكر الخبر ، وهو في بني الخرث ابن الخزرج ، فجاء ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر إليه ثم أكب عليه فقبله ثم قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما كان الله ليذيقك الموت مرتين ، فقد والله توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج إلى الناس فقال : أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد رب محمد فإنه حي لا يموت .
قال الله تعالى ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) الآية ، فكان الناس لم يسمعوا هذه الآية إلا يومئذ .
واستوفى القعقاع بن عمرو حكاية خطبة أبي بكر رضي الله عنه فقال : قام أبو بكر في الناس خطيبا حيث قضى الناس عبراتهم بخطبة جلها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه على كل حال ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ، فلله الحمد وحده ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وخاتم أنبيائه ، وأشهد أن الكتاب كما نزل ، وأن الدين كما شرع ، وأن الحديث كما حدث ، وأن القول كما قال ، وأن الله هو الحق المبين .
اللهم فصل على محمد عبدك ورسولك ، ونبيك وحبيبك ، وأمينك وخيرتك وصفوتك بأفضل ما صليت به على أحد من خلقك .
اللهم واجعل صلواتك ومعافاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وخاتم النبيين وإمام المتقين ، محمد قائد الخير وإمام الخير ، ورسول الرحمة .
اللهم قرب زلفته ، وعظم برهانه ، وكرم مقامه ، وابعثه مقاما محمودا ، يغبطه به الأولون والآخرون ، وانفعنا بمقامه المحمود يوم القيامة ، واخلفه فينا في الدنيا والآخرة ، وبلغه الدرجة والوسيلة في الجنة .
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم إنك حميد مجيد .
أيها الناس : إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لم يمت ، وإن الله قد تقدم إليكم في أمره فلا تدعوه جزعا ، فإن الله عز وجل قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده على ما عندكم ، وقبضه إلى ثوابه ، وخلف فيكم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فمن أخذ بهما عرف ، ومن فرق بينهما أنكر = يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط = ولا يشغلنكم الشيطان بموت نبيكم ولا يفتننكم عن دينكم ، وعاجلوا الشيطان بالخير تعجزوه ، ولا تستنظروه فيلحق بكم ويفتنكم .
وقال ابن عباس : لما فرغ أبو بكر من خطبته قال : يا عمر أنت الذي بلغني أنك تقول ما مات نبي الله صلى الله عليه وسلم ؟ أما ترى أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يوم كذا : كذا وكذا ؟ ويوم كذا :
كذا وكذا ؟ وقال تعالى في كتابه ( إنك ميت وإنهم ميتون ) ؟ فقال : والله لكأني لم أسمع بها في كتاب الله قبل الآن ، لما نزل بنا ، أشهد أن الكتاب كما أنزل ، وأن الحديث كما حدث ، وأن الله حي لا يموت .
إنا لله وإنا إليه راجعون ، وصلوات الله على رسوله . وعند الله نحتسب رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم جلس إلى أبي بكر .